الثلاثاء، 4 يناير 2011

موقف يعلمك الكثير

موقف يعلمك الكثير .... تدبر أسباب الخطأ
و ليس الخطأ من ستيفن كوفي
روي ستيفن كوفي صاحب كتاب العادات السبع قصة جرت معه فيقول:
في صبيحة يوم أحد في نفق في نيويورك، كان الناس يجلسون بهدوء. . بعضهم يقرأ صحيفة ‘ وبعضهم سارح بأفكاره
والبعض الآخر يستريح مغمض العينين . . كان منظرا هادئا ومسالما
ثم فجأة دخل رجل مع أولاده النفق.

وكان الأولاد على درجة من الفوضى والمشاكسة بحيث تغير الجو كله على الفور
جلس الرجل إلى جانبي وأغلق عينيه ‘ متجاهلا كل ما يحدث. كان الأطفال يركضون جيئة وذهابا، ويقذفون بالأشياء ويختطفون حتى الصحف من أيدي الناس ،

وكان الأمر في غاية الإزعاج ، ومع ذلك لم يفعل الرجل الجالس إلى جانبي شيئا ، كان من الصعب ألا يشعر المرء بالتوتر،

ولم أستطع أن أصدق أن يكون هذا الشخص عديم الإحساس بحيث يترك أولاده يتصرفون على هواهم بدون أن يفعل شيئا أو يتحمل أية مسؤولية ،
وكان من السهل أن ترى التوتر وقد سيطر على كل شخص في
النفق . وفي النهاية التفتُ إليه وقلت في صبر وكبت غير عادي لمشاعري : سيدي إن أولادك
يزعجون العديد من الناس فعلا ، وأتساءل إن كان بإمكانك ضبطهم قليلا؟

فتح الرجل حدقتيه كأنه يعي الموقف لأول مرة وقال بنعومة : آه أنت على حق ، أعتقد أن علي أن أفعل شيئا ،

لقد عدنا لتونا من المشفى حيث توفيت أمهم قبل حوالي ساعة ، ولا أعرف ما أفعل ، وأعتقد أنهم لا يعرفون كيف يتقبلون الأمر أيضا
هل تستطيع أن تتصور شعوري في تلك اللحظة ؟ تبدل نمطي السلوكي وأصبحت أرى الأمور بشكل مختلف فورا،

ولأن رؤيتي اختلفت ، أصبحت أفكر بطريقة مختلفة ‘ وأشعر بطريقة مختلفة وأتصرف بطريقة مختلفة !!

فقد تلاشى توتري ولم أعد أفكر في السيطرة على موقفي أو تصرفي وامتلأ قلبي بألم الرجل وتدفقت مشاعر التعاطف والإشفاق كل شيء تغير في لحظة
توفيت زوجتك للتو؟ آنا آسف ! هل تستطيع آن تخبرني عما حدث ؟ ماذا أستطيع أن أفعل لمساعدتك ؟

هل حاولنا في تعاملنا مع الناس أن ننظر إلى تصرفاتهم من منظورهم ومن مسبباتها لديهم لا من خلال منظورنا أو الأسباب التي نعتقدها؟

أحكامنا وانطباعاتنا المسبقة قد تكون صحيحة ولديها ما يبررها في كثير من الأحيان لأنها بنت الواقع ولأنها تتغذى بالحدس لهذا نأمر بالأخد بالمظاهر تجاه كل السلوكات الحسنة -إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالايمان-
ولكن قد تكون خاطئة مما يوجب دوما التريث والتفكير خاصة عندما يتعلق الأمر
بسلوكات تبدوا لأول الأمر سيئة ويعلمنا ديننا أن نتوخى الأعذار -التمس لأخيك سبعين عذر..الحديث -ويعلمنا حسن الظن بالناس لأن الله يحسن ظنه بالعباد وهو ربهم الذي يعرف السر وأخفى

جميل أن ننظر للأشياء وللأخطاء بنظرة الطبيب المعالج وأن لا نستبق الحكم حتى نتبين أسبابه ، ويعلمنا ديننا أشياء كثيرة من ذلك ففي صورة الحجرات فقط نقرأ قوله تعالى:-إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين..ونقرأ قوله:ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن اثم كما نقرأ جملة من الآداب التي تصب في المعنى نفسه ..ولكن..
لا نزال نستبق الأحكام ونتشاجر قبل أن نستفهم شيء ونتخاصم مع اصدقاءنا
الذين عرفناهم منذ أمد بعيد لمجرد أنه ظهر لنا كذا أو كذا ونحرم على أنفسنا دخول بيوت أقاربنا ونقطع الرحم التي أمر الله أن توصل فقط لمجرد سوء فهم او سوء تفاهم أو لأنه لم يتم استدعانا لزفاف ولم يخبروننا بأمر لانعلم حيثياته ولا صدقه..
سبقنا دوما نظرة الجلاد بل أحيانا بنظرة أكبر من ذلك بكثير تصل إلى أن ننصب أنفسنا أوصياء على الناس وكأنه فينا من دخل الجنة وفينا من يجلس بقاعة الانتظار
مع العلم أن ديننا يوصينا بالتريث والحلم والرفق والسماحة في التعامل تجاه كل الأشياء حت التي تبين الخطأ فيها – ما دخل الرفق على شيء إلا زانه وما انتزع من شي إلا شانه – والأحاديث في هذا الباب وفي السماحة والتعقل والتماس الأعذار وتتبع الأسباب كثيرة وتنقل لنا السيرة الطاهرة وأخبار الصحابة الكثير من الأمور تجاه التعامل مع الأخطاء البائنة كموقف الرسول صلى الله عليه وسلم من بول الأعرابي بالمسجد ولكن مع ذلك نركب رؤوسنا ولا نتعظ بشيء...أردت من كل هذا الكلام ان أنبه لشيء آخر.


ألا
ترون إخوتي أنه لدينا دين عظيم يعلمنا من الأدب الصغير - إلى أقوى الآداب وأكبرها كالأدب مع الله....يشدد علينا في التريث تجاه التعامل مع الأخطاء البائنة فما بالك بغيرها من المجهول سببها ..وتحدث لنا مواقف كثيرة حين نبتعد عن ديننا ولا نتبع تعاليمه وآدابه وندرك حماقتنا ورفعة تعاليمنا الدينية ولكن سرعان ما ننسى ونتغاضى عن كل الأشياء..في حين نستورد تلك التدريبات من غيرنا وننتظر مجيء ستيفن كوفي وغيره كي يعلموننا فنيات التعامل – وليس عيبا فالحكمة ضالة المؤمن حيث ما وجدها فهو أحق بها ولكن كان يفترض بأمة تمتلك العديد من المآثر والشواهد وأكبر رصيد تدريبي وتعلمي أن تكون السباقة لذلك وان تخلد المواقف وتكون أكثر انتباها لها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق